اعترضت أصوات من المعارضة السورية ومن يواليها من بعض الفلسطينيين، على إحدى المؤسسات الاغاثية، وهي قريبة من الحكومة السورية، والتي تصل مساعداتها إلى مخيم اليرموك، وبالتحديد حول ما تم تداوله عن رفض تقديم المساعدة للاجئ السوري الأصل الموجود هناك، والذين نزحوا إلى مخيم اليرموك أثناء تعرضهم للقصف في مناطق الجوا، بينما كانت المساعدات حصرا موجهة للاجئ الفلسطيني من ضمن استهداف مساعدة المخيم الفلسطيني، كون المصيبة وقعت على رؤوسهم كلاجئين فلسطينيين منذ بداية أزمة المخيم، وأثر تداعيات الحرب في سوريا منذ قرابة الست سنوات وقد تم الاعتماد على الاوراق الثبوتية  في توزيع المعونات.
وإن كانت هناك من مؤشرات، فما يبدو هو طريقة لإحصاء الفلسطينيين بشكلٍ فعلي والمتواجدين في المخيم، لحصر العدد النهائي لهم ، خاصة أن ترتيبات أو سيناريوهات قد مرت وستمر ضمن ما سمي بحلول لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين وعلى رأسهم اليرموك، رغم ما يتم تداوله عن سياسة داعش في المخيم، وفرض حياتهم وطريقتهم على السكان هناك سواء من حيث اللباس أو التعليم وحتى كل مناحي الحياة.
إن الخمسة آلاف ساكن في المخيم هم عملياً أسرى لكتائب المعارضة قبل حين، أما الآن فهم تحت إمرة داعش بعد سيطرتها الميدانية على معظم مناطق اليرموك، وقد تمت تسويات مع فلول جبهة النصرة فمنهم من التحق بالأولى، ومنهم من بقي تحت تسمية جديدة، هي جبهة فتح الشام، والآن تهدد داعش السكان المتواجدين في منطقة سيطرة جبهة فتح الشام وتأمربإخلائها، لإنها ستبدأ بإغلاق الطريق وقنص كل ما يتحرك هناك بغية القضاء على ما تبقى من كتائب جبهة النصرة الذين رفضوا التسوية.
كما أن القرار الجديد الذي أصدرته مؤخراً داعش (تنظيم الدولة) والذي يقضي بإغلاق كافة المدارس داخل مخيم اليرموك ومنع المعلمين من ممارسة عملهم إلا بطريقتها؛ حيث تم إبلاغ المدرسين بجملة القرارات التي تتعلق بالتعليم للعام الدراسي القادم 2016 _2017، وطالبتهم بأن من يريد العمل بصفة مستخدم مدني ودون التحاقهم بالتنظيم، أن يبادر من أجل تسجيل  اسمه، وذلك خلال فترة مدتها أسبوع من تاريخ الإعلان وبراتب شهري (25000) ليرة سورية أي ما يعادل 49 دولاراً أمريكياً.
إنه بمثابة بداية تطبيق أسس دولتهم الواهية ولو بشكل صوري، فقط من أجل إكمال إحكام الحصار الداخلي عل السكان بالإضافة إلى الحصار الخارجي، وهي آخر خطوة على ما نعتقد من أجل إجراء عملية التفريغ الأخيرة لمخيم اليرموك؛ أي أن التضييق في مراحله النهائية قبل دك وقصف ما تبقى من المنازل.
وعلى ما يبدو أن لا حلول سياسية ولا عسكرية بحتة ومباشرة وخاطفة ستتم، إلا أن هذا التدرج بإنهاء رمزية اليرموك كأكبر تجمع فلسطيني للاجئين الفلسطينيين في سوريا، هو من أجل إنهاء هذا الملف بصمت دون ضجيج، وإن كان ضجيج القصف وصرخات الجرحى وأهالي الضحايا الفلسطينيين في مخيم خان الشيح يتم كتمه على الإعلام أيضاً، حيث لا فرق بين من يرتهن ذلك المخيم من المعارضة السورية المسلحة والفلسطيني الضحية، ولا طرق مفتوحة لإسعاف الجرحى بسبب إغلاقها على كتائب المعارضة السورية من قبل الجيش النظامي السوري، رغم كل المناشدات، والتصريحات بحيادية الفلسطينيين هناك؛ وكذلك ما يجري في بلدة قدسيا التابعة لدمشق والتي لجأ إليها 6000 لاجئ فلسطيني من المخيمات إثر استهدافها  يمنعون من الخروج والدخول، ويقعون تحت القصف والاشتباكات دون تأمين طريق لهم للخروج، ودائماً فإن المستهدف الأوفر حظاً من حيث اقتناص الفرصة للقضاء عليه هو اللاجئ الفلسطيني.
وإن سيناريو مخيم اليرموك يعاد بتفاصيله في مخيم خان الشيح ، مع زيادة بتفصيلة واحدة وهو اعتبارهذا الشعب حجراً وجزءاً من العطل والضرر الحاصل في أي حرب، ولا بأس حسب من يحصد النصر في ملف القضاء على القضية الفلسطينية، فالصدفة خيرٌ من ألف ميعاد وخيرٌ من دفع تكاليف حرب خاصة من قبل إسرائيل لمزيد من الضحايا الفلسطينيين.
ويأتي كل ذلك ضمن التغيرات في التحالفات الدولية والعربية والاقليمية، التي تهدف إلى تأمين الأمن القومي للدول العربية عن طريق مزيدٍ من الاتفاقيات مع من يهدد الأمن القومي العربي، فربما وجد العرب ضالتهم في المقولة (كلما اقتربت من مصدر الخطر، كلما أمّنتَ نفسك من الخطر)، ويبدو أن عربان الكراسي قد استزادوا في تلك المقولة حتى قبولهم بإنهاء الملف الفلسطيني على تلك الشاكلة وخير دليل قمة الهزالة العربية التي لم تتعد مدة الأربع وعشرين ساعة، بتمثيل أكثر هزالة وببيان قمة تم  التأكيد فيه على مركزية القضية الفلسطينية، لكن على طريقة الخطر الاسرائيلي المعشوق.
لطالما حذرنا مما يتعرض له الشعب الفلسطيني في كل الأماكن داخل الوطن وفي الشتات، ولا سبيل لصد الخطر إلا بالتوحد، عن طريق المزيد من بذل الجهود لأخذ الدور للقيادة الفلسطينية ، وإعادة تشكيل التفاف الشعب حولها والاقتراب أكثر،  وشرح سياستها ودورها وخطتها الحالية والمستقبلية، فلن يحمي القضية إلا شعبها، ولنكن صادقين أن لا التفاف كاملاً من الشعب حول قضيته في ظل الانقسام الذي لا تزال تغذيه سياسة شراء الضمائر والأبواق المنافقة من أجل التقليل والتبخيس من كل جهد فلسطيني تقوم به القيادة الفلسطينية، وفي ظل سياسات دولية تزيد في تمويل المنظمات غير الحكومية من أجل تفشي ظاهرة الشباب الفلسطيني الذي لا يرى في منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً له، وترفع يومياً عشرات التقارير في هذا الشأن مما شجع أحياناً حتى القائمين على الأونروا  وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، بطلب الحوار مع فئات من اللاجئين عوضاً عن ممثلي الفصائل الفلسطينية، والسبب الجوهري هو ابتعاد المسافة بين القيادة الفلسطينية وفئات الشعب ، رغم أنهم أنفسهم من يصرخون برفضهم تمثيل "م.ت.ف"، فإنهم يعيدون النظر في مواقفهم عندما تتم منافشتهم بمخاطر ما يدَّعون، وعليه فإن ما ينقص إعادة الزخم والقوة للقضية الفلسطينية هو التفاف الشعب واتحاده، بتوضيح المخاطر التي يتعرض لها الفلسطينيون، وبمزيد من التواصل والمسؤولية نحوهم، وإن كان ذلك صعباً من باب استماتة العرب والاقليم والمجتمع الدولي في تفريغ وتقليل الدعم من الدول المانحة لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية أيضاً، إلى أقصى حدوده الدنيا، وإلا لماذا يتم منع الفلسطينيين من إقامة دولتهم رغم استيفائها شروط الإقامة للدولة، والتي أعلنت عبر الأمم المتحدة.
بالطبع يريدون تمرير شروطهم في ظل الضعف الفلسطيني ومن أجل تأمين أمن إسرائيل، ومن ثم يتم تقديم المبادرات من أجل السلام كالمبادرة الفرنسية ومبادرة الرئيس الأمريكي أوباما.
إن المرحلة الحالية هي أشد وأصعب المراحل التي  تمر على فلسطين وشعبها، لكن القوة أبداً لا تـُنتزع من شعب أراد، والقيادة الفلسطينية قادرة على إعادة أو تقوية التواصل مع شعبها وإن كان الحصار مادياً، فلطالما تعوَّد هذا الشعب على الجوع، فلن يهزه جوعٌ أكبر، فقط فليتم تغيير طريقة الخطاب، وتكثيف الجهود واللقاءات الشعبية، لتحشيد الرأي، خاصة ً في ظل تقوية الانقسام ، لأن القوة في الشعب، واللاجئين منهم قوة لا يستهان بها، ولا ننسى أن من هب لحماية  القائد الراحل ياسر عرفات من الاغتيال المباشر هو شعبه الذي خرج من ليله لـيَصـُدَّ فوهات مدافع دبابات الجيش الاسرائيلي.