منذ ذلك اليوم الذي قذف فيه الانسان القديم حيوانا صغيرا بحجر، بدأ استخدام العنف لصنع الثروة

(ألفين توفلر)

تعد ظاهرة الإرهاب من مظاهر العنف الذي تفشى في المجتمعات الدولية، فمنذ أوائل السبعينات من القرن الماضي وكلمة "الإرهاب" ومشتقاتها من أمثال "إرهابي" و "لإرهاب المضاد" وغيرها قد غزت بالفعل أدبيات جميع فروع العلوم الاجتماعية. حيث أضحى مصطلح "الإرهاب" من أكثر الاصطلاحات شيوعاً في العالم، في وقت تزداد فيه نسبة الجريمة ارتفاعا وأشكالها تنوعاً؛ وأصبح الإرهاب واقعاً مقلقاً ومزعجاً. فالمؤلفون في ميادين علم النفس، وعلم الإجرام وعلم الاجتماع، والفكر الديني…إلخ، انكبوا على دراسة هذا الموضوع أكثر من أي ظاهرة اجتماعية – سياسية أخرى في عصرنا.

وأتت كلمة الإرهاب من رهب، رهباً ورهبة، ولقد أقر المجمع اللغوي كلمة الإرهاب ككلمة حديثة في اللغة العربية أساسها "رهب" بمعنى خاف، وأرهب فلانا بمعنى خوفه وفزعه، والإرهابيون وصف يطلق على الذين يسلكون سبل العنف لتحقيق أهدافهم السياسية. كما يعني الإرهاب أيضا محاولة الجماعات والأفراد فرض أفكار أو مواقف أو مذاهب بالقوة لأنها تعتبر نفسها على صواب والأغلبية مهما كانت نسبتها على ضلال، وتعطي نفسها وضع الوصاية عليها تحت أي مبرر.

الإرهاب: هو وسيلة من وسائل الإكراه في المجتمع الدولي، لا يوجد لديه أهداف متفق عليها عالمياً ولا ملزمة قانوناً، ويعرفه القانون الجنائي على أنه تلك الأفعال العنيفة التي تهدف إلى خلق أجواء من الخوف، ويكون موجهاً ضد أتباع دينية وأخرى سياسية معينة، أو هدف أيديولوجي، وفيه استهداف متعمد أو تجاهل سلامة غير المدنيين. وهو أيضا أعمال العنف غير المشروعة والحرب. وهو الافعال الإجرامية الموجهة ضد الدولة والتي يتمثل غرضها أو طبيعتها في إشاعة الرعب لدى شخصيات معينة أو جماعات من الأشخاص، أو من عامة الشعب وتتسم الأعمال الإرهابية بالتخويف المقترن بالعنف، مثل أعمال التفجير وتدمير المنشآت العامة وتحطيم السكك الحديدية والقناطر وتسميم مياه الشرب ونشر الأمراض المعدية والقتل الجماعي.

 

تاريخ الإرهاب:

يعود تاريخ العمل الإرهابي إلى ثقافة الإنسان بحب السيطرة وزجر الناس وتخويفهم بغية الحصول على مبتغاه بشكل يتعارض مع المفاهيم الاجتماعية الثابتة، والعمل الإرهابي عمل قديم يعود بنا بالتاريخ مئات السنين ولم يستحدث قريباً في تاريخنا المعاصر. ففي القرن الحادي عشر، لم يجزع الحشاشون من بث الرعب بين الأمنين عن طريق القتل، وعلى مدى قرنين، قاوم الحشاشون الجهود المبذولة من الدولة لقمعهم وتحييد إرهابهم وبرعوا في تحقيق أهدافهم السياسية عن طريق الإرهاب.

 

أنواع الإرهاب:

§       إرهاب عقدي.

§       إرهاب عملي.

§       إرهاب فكري.

§       إرهاب أخلاقي.

§       الإرهاب الفردي: وهو الذي يقوم به الافراد لاسباب متعددة.

§   الإرهاب الجماعي غير المنظم: وهو الإرهاب الذي ترتكبه جماعات غير منظمة من الناس تحقيقا لمآرب خاصة.

§   الإرهاب الجماعي المنظم: الذي يتمثل في جماعات الإرهاب التي تديرها وتشرف عليها دول غير ظاهرة أو مؤسسات أو هيئات مختلفة.

§   الإرهاب الدولي: وهو الإرهاب الذي تقوم به دولة واحدة أو أكثر. فهو إما أن يكون إرهابا دوليا أحاديا وهو الذي ترتكبه دولة واحدة، أو إرهابا ثنائيا وهو الذي ترتكبه دولتان، أو إرهابا جماعيا وهو الذي ترتكبه مجموعة من الدول أو يقع من دولة واحدة ولكن بدعم من دول أو حلف من الدول الأخرى.

 

أسباب الارهاب:

1.  الأسباب التربوية والثقافية: فالتربية والتعليم هما أساس تثبيت التكوين الفطري عند الإنسان. فأي انحراف أو قصور في التربية يكون الشرارة الأولى التي ينطلق منها انحراف المسار عند الإنسان، والفهم الخاطئ للدين يؤدي إلى خلق صورة من الجهل المركب، ويجعل الفرد عرضة للانحراف الفكري والتطرف في السلوك، وتربة خصبة لزرع بذور الشر وقتل نوازع الخير، بل ومناخا ملائما لبث السموم الفكرية من الجهات المغرضة، لتحقيق أهداف إرهابية. ويقع عبء هذا الأمر ومسؤوليته على المؤسسات التي تتولى تربية الأفراد وتعليمهم وتثقيفهم في جوانب التكوين التربوي العام، أو التربوي الخاص كالتعليم الديني، سواء أكانت تلك المؤسسات ذات مسؤولية مباشرة- كمؤسسات التعليم العام والجامعي- أم ذات مسؤولية غير مباشرة كوسائل الإعلام بشتى أنواعها.

2.  الأسباب الاجتماعية: المجتمع هو المحضن الذي ينمو فيه الإنسان، وتنمو فيه مداركه الحسية والمعنوية، فهو المناخ الذي تنمو فيه عوامل التوازن المادي والمعنوي لدى الإنسان. وأي خلل في تلك العوامل، فإنه يؤدي إلى خلل في توازن الإنسان في تفكيره ومنهج تعامله، فالإنسان ينظر إلى مجتمعه على أن فيه العدل وفيه كرامته الإنسانية، وحينما لا يجد ذلك كـما يتصور فإنه يحاول التعبير عن رفضه لتلك الحالة بالطريقة التي يعتقد أنها تنقل رسالته. فانتشار المشكلات الاجتماعية ومعاناة المواطنين دوافع إلى انحراف سلوكهم، وتطرف آرائهم وغلوهم في أفكارهم ، بل ويجعل المجتمع أرضا خصبة لنمو الظواهر الخارجة على نواميس الطبيعة البشرية المتعارف عليها في ذلك المجتمع.

 

3.  الأسباب الاقتصادية: الاقتصاد من العوامل الرئيسة في خلق الاستقرار النفسي لدى الإنسان؛ فكلما كان دخل الفرد يفي بمتطلباته ومتطلبات أسرته، كلما كان رضاه واستقراره الاجتماعي ثابتا، وكلما كان دخل الفرد قليلا لا يسد حاجته وحاجات أسرته الضرورية، كلما كان مضطربا غير راض عن مجتمعه، بل قد يتحول عدم الرضا إلى كراهية تقود إلى نقمة على المجتمع، خاصة إن كان يرى التفاوت بينه وبين أعضاء آخرين في المجتمع مع عدم وجود أسباب وجيهة لتلك الفروق، إضافة إلى التدني في مستوى المعيشة والسكن والتعليم والصحة، وغيرها من الخدمات الضرورية التي يرى الفرد أن سبب حدوثها هو إخفاق الدولة في توفيرها له بسبب فشو الفساد الإداري، وعدم العدل بين أفراد المجتمع.

4.  الأسباب السياسية: وضوح المنهج السياسي واستقراره، والعمل وفق معايير وأطر محددة يخلق الثقة، ويوجـد القناعة، ويبني قواعد الاستقرار الحسي والمعنوي لدى المواطن، والعكس صحيح تماما، فإن الغموض في المنهج والتخبط في العمل، وعدم الاستقرار في المسير يزعزع الثقة، ويقوض البناء السياسي للمجتمع، ويخلق حالة من الصدام بين المواطنين والقيادة السياسية، وتتكون ولاءات متنوعة، وتقوم جماعات وأحزاب، فتدغدغ مشاعر المواطن بدعوى تحقيق ما يصبو إليه من أهداف سياسية ، وما ينشده من استقرار سياسي ومكانة دولية قوية.

5.  الأسباب النفسية والشخصية: تتفاوت الغرائز الدافعة للسلوك البشري، فبعضها يدفع إلى الخير وأخرى تدفع إلى غير ذلك، ولهذا يوجد أشخاص لديهم ميول إجرامية تجعلهم يستحسنون ارتكاب الجرائم بصفة عامة، والجرائم الإرهابية بصفة خاصة، بل قد يتعطشون لذلك، وهؤلاء يميلون إلى العنف في مسلكهم مع الغير، بل مع أقرب الناس إليهم في محيط أسرهم، نتيجة لعوامل نفسية كامنة في داخلهم تدفعهم أحيانا إلى التجرد من الرحمة والشفقة، بل والإنسانية، وتخلق منهم أفرادا يتلذذون بارتكاب تلك الأعمال الإرهابي. وهذه الأسباب النفسية قد ترجع إلى عيوب أو صفات خلقية أو خلقية، أو خلل في تكوينهم النفسي أو العقلي أو الوجداني ، مكتسب أو وراثي.

 

الإرهاب في القانون الدولي:

يدين القانون الدولي الإرهاب الصادر عن أنظمة سياسية أو أفراد، ويطالب الدول بضرورة الامتناع عن تأييد النشاطات الإرهابية أو مساعدتها، بل إنه يدعو إلى مكافحة هذه الأعمال بكل الوسائل ويحدد العقوبات في حالة ممارستها سواء أكان مرتكبوها أفرادا أو منظمات سياسة أو دولا، وقد استند القانون الدولي إلى عدد كبير من الاتفاقات الدولية الضارعة التي تدعو إلى ذلك، منها: "اتفاق منع إبادة الجنس، واتفاقا طوكيو ومونتريال حول إدانة الأعمال المخالفة للقانون على متن الطائرات، واتفاق إدانة خطف الدبلوماسيين، واتفاق إدانة احتجاز الرهائن، واتفاق منع التعذيب، واتفاق إدانة القرصنة البحرية، واتفاق الأشخاص المحميين دوليا… الخ".

 يضاف إلى ذلك العديد من البيانات التي صدرت عن الهيئات الدولية أو القرارات المتعلقة بالموضوع وهذا يؤكد على أن القانون الدولي شمل في أحكامه إرهاب الفرد وإرهاب الدولة وأكد على وجوب إنزال العقوبة بالاثنين معا، وحرص على أن يحظر على الدولة ممارسة الإرهاب أو القيام بما يخالف القانون الإنساني الدولي (ولا سيما اتفاقيات جنيف الرابعة عام 1949) تحت أي ذريعة كانت واستجابة لأي سبب أو حافز أيا يكن نوعه، لكن بسبب عدم وجود تعريف موحد للإرهاب متفق عليه من قبل المجتمع الدولي، كثرت المحاولات الفردية من الدول والفقهاء لتعريفه فتعددت التعاريف واختلفت الدول في موقفها من مفهوم الإرهاب، فقد عرف الإرهاب بأنه " أي عمل عنف منظم يهدف إلى خلق حالة من اليأس أو الخوف بقصد زعزعة ثقة المواطنين بحكومتهم أو ممثليها، أو بقصد تهديم بنية نظام قائم، أو بقصد تدعيم أو تعزيز سلطة حكومة قائمة." كما تم تعريفه بأنه "أي عمل منظم يستعمل فيه العنف (فعل جرمي) أو التهديد باستعمال العنف لخلق جو من الخوف بقصد القمع والإكراه أو بقصد تحقيق أهداف سياسية".