في كلِّ مرّةٍ تعتقلُ فيها قوّاتُ الاحتلالِ محافظَ القُدسِ أو أمينَ سرِّ الإقليمِ وكوادرَ الحركةِ من مختلفِ المراتبِ التّنظيميّةِ يتبادرُ إلى أذهانِنا سؤالٌ: كيفَ يَجمعُ إخوتُنا في القُدْسِ بينَ عملِهم العلنيِّ (المكشوفِ) وبين الاحتفاظِ بقدرَتِهم على أنْ يظلّوا في الصفوفِ الأماميّةِ للمقدسيّينَ المدافعينَ عن عروبةِ القدسِ أمامَ حملةِ التهويدِ والتدنيسِ والمصادرةِ والسّطوِ وهدمِ البيوتِ ومنعِ أيّ توسّعٍ عمرانيٍّ مهما كانَ بسيطًا؟ الجوابُ يكمنُ في فهمِ دورِ التنظيمِ والمؤسّساتِ التي تُفرزُ لها الحركةُ كوادِرَها ليُمارسوا عملَهم النّضاليَّ بعيدًا عن الاختباءِ داخلَ فقاعاتِ المسمّياتِ الواهيةِ والتي لا تتماشى لا معَ المرحلةِ النّضاليّةِ التي نخوضُها ولا معَ ما ينتظرُهُ الشّعبُ ويحتاجُ إليهِ من عملٍ دؤوبٍ، يؤمنُ بحُكمِ تجربتِهِ الطويلةِ أنْ لا أحدَ سوى "فتح" يمكنُهُ أن يقومَ بهِ.

 

تختزلُ المعركةُ في القدسِ وعليها كلَّ جوانبِ الصراعِ الفلسطينيِّ ضدَّ الاحتلال الاستيطانيِّ الإسرائيليِّ، ولأنّها كذلكَ فإنَّ حركةَ "فتح" تديرُها بشكلٍ يفهمُهُ عدوّنا جيّدًا، لذلكَ لا نستغربُ ونحنُ نراهُ يواظبُ على ملاحقةِ أبناءِ الحركةِ والتضييقِ عليهم واعتقالِهم بشكلٍ متكرّرٍ، دونَ أنْ يعيرَ أيَّ اهتمامٍ لمن يتَّخذونَ من القدسِ وساحاتِ المسجدِ الأقصى "تكيّةً" للعجزِ والولاءِ والتّرويجِ لهذا النّظامِ أو ذاكَ، علاوةً على إدمانِهم على الإساءةِ إلى الزائرينَ الحريصينَ على أنْ تكونَ القدسُ دومًا قِبلَتَهم. لقد استطاعت حركةُ "فتح" فرضَ نفسِها في ميدانِ المواجهةِ في القدسِ، وذلكَ من خلالِ وجودِها اليوميِّ في مقدّمةِ الصفوفِ للتصدّي للمحتلِّ ومخطّطاتِه، وفي هذا فهمٌ للمكانةِ التي تحظى بها القدسُ في مسيرتِنا الوطنيّةِ، وهو فهمٌ نابعٌ أيضًا منَ المكانةِ التي يُوليها عدوّنا للمدينةِ المقدّسةِ التي تحتلُّ في سلَّمِ أولويّاتِهِ مكانَ الصّدارةِ، وبالتالي يعملُ بلا انقطاعٍ على تنفيذِ سياسةٍ ممنهَجةٍ لتغييرِ معالمِ المدينةِ والتّضييقِ على أهلِها الشّرعيين. هذه إذن هي الصورةُ التي تتجلَّى فيها القدسُ كمحورٍ مركزيٍّ للمعركةِ الوطنيّةِ، وهكذا تفهمُ "فتح" مكانةَ القدسِ، وهكذا أيضاً يفهمُ المحتلُّ مكانتَها ودورَ حركةِ "فتح" في التّصدي لمشاريعهِ ومخطّطاتِه، ومن هنا لا نستغربُ ملاحقتَهُ لأبناءِ "فتح" ولرموزِ العملِ الوطنيِّ في عاصمتِنا المحتلّة.

 

التصدّي الميدانيُّ اليوميُّ للمحتلِّ في القُدسِ هو أحدُ أهمِّ أشكالِ مقاومةِ صفقة القرنِ وقرارِ إدارةِ ترامب بالاعترافِ بها عاصمةً لدولةِ الاحتلالِ الاستيطانيِّ، ولهذا التصدّي صورٌ وأشكالٌ عديدةٌ، أولُها هو دعمُ صمودِ المقدسيّينَ وتوفيرُ ما يحتاجونَهُ من أجلِ الاستمرارِ في الثّباتِ والمرابطةِ حمايةً للأرضِ والمقدساتِ والممتلكاتِ. ومن أهمِّ مقوّماتِ دعمِ الصمودِ أن يظلَّ أبناءُ الحركةِ مواظبينَ على التّواصلِ مع المواطنينَ والمشاركةِ الفاعلةِ في مواجهةِ الاحتلالِ، فهذه المشاركةُ هي التي تحافظُ على ثقةِ المقدسيّينَ بالحركةِ. وهنا يجبُ أن لا نقلّلَ من أهميّةِ دورِ الحركةِ في تنظيمِ زياراتِ الوفودِ العربيّةِ والأجنبيةِ للقُدسِ، وهذا أمرٌ حيويٌّ يحافظُ على مكانةِ المدينةِ في قلوبِ المؤمنينَ والأحرارِ ويعطي المقدسيّين الثّقةَ بأنَّ صمودَهم وثباتَهم في أرضهِم يحظى بتقديرِ ودعمِ إخوتِهم وأصدقائهم. 

 

*تُتقِنُ "فتح" حرفةَ مقاومةِ العدوِّ وتختارُ الطّرُقَ الأكثرَ فعاليةً والأشدَّ إيلامًا لهُ، ويعطي أبناءُ الحركةِ في القُدْسِ مثالاً لهذهِ المقاومةِ يمكنُ فهمُ نجاعتِهِ من خلالِ حملاتِ العدوِّ ضدَّ تنظيمِ الحركةِ وقياداتِها، وبذلكَ تمارسُ "فتح" دورَها وواجبَها وتتركُ مهنةَ الكلامِ لمحترفيها وعشّاقِها.

 

١٥-١٠-٢٠١٩

رسالة اليوم

رسالة حركيّة يوميّة من إعداد أمين سر حركة "فتح" - إقليم بولندا د.خليل نزّال.

#إعلام_حركة_فتح_لبنان