تصريحاتُ رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو حول نيّته ضمَّ منطقة الأغوار والمستوطنات ومعظم منطقة (سي)، ليست من قبيل الدعاية الانتخابية، أو المنطق الميكافيلي "الغاية تبرّر الوسيلة"، ما يقوله هو المضمون الحقيقي لـ"صفقة القرن". هذا الأمر ليس تحليلاً أو استنتاجًا، هذا ما أعلنه نتنياهو عندما قال: "إنَّ ما أقوم بإعلانه هو ما ستكون عليه (صفقة القرن)".
كما أنَّني لا اتّفق مع من يقول إنّه ليس هناك جديد بما يُعلنه نتنياهو، لأنَّ الجديد هو الوضوح في كشف المخطط وتحديد ملامحه بمنتهى الصراحة، والجديد هو التوقيت، وليس المقصود الانتخابات، وإنّما "صفقة القرن" التي قالت إدارة ترامب إنّها ستعلنها بعُيد الانتخابات الإسرائيلية. الدليل على ذلك هو المواقف العربية والعالمية المندِّدة بإعلان نتنياهو ضمَّ الأغوار وشمال البحر الميت، وهي المنطقة التي تعادل ما نسبته 30% من أراضي الضفة الفلسطينية. وفي هذا السياق موقف العربية السعودية ودعوتها لعقد اجتماع طارئ لوزراء خارجية منظّمة المؤتمر الإسلامي في مدينة جدّة.

لو كانت التصريحات مجرَّد دعاية انتخابية، أو ليس فيها شيء جديد لما كانت المواقف المذكورة بهذه القوة، وخاصّةً بيان الاتحاد الأوروبي الذي قال إنَّ أوروبا لن تُقِرَّ بهذه الانتهاكات، بما في ذلك المتعلّقة بالقدس التي هي أرض فلسطينية محتلة.

لقد أدرك العالم خطورةَ تصريحات نتنياهو لكونها تمثِّل العناصر الرئيسة لـ"صفقة القرن" وخطط ترامب لتصفية القضية الفلسطينية. فالتصريحاتُ ليست دعايةً انتخابيةً بل هي الفعل القادم لحكومة نتنياهو، إذا ما نجح بالانتخابات بدعم كامل من ترامب.

لذلك، فإنَّ الانتظار لفحص ما إذا كانت هذه تصريحات دعاية انتخابية أم أنَّها مقدمةٌ للتنفيذ هو العبث بعينه، الانتظار في مثل هذه الحالة هو نوع من الانتحار السياسي، وأعتقد أنَّ القيادة وحتى معظم دول العالم تدرك ذلك، وبناءً عليه تقوم بالتحرُّك لِلَجْمِ انتقال الأقوال الانتخابية إلى أفعال وتمرير "صفقة القرن".

ما هو مطلوبٌ عربيًّا ودوليًّا هو الاستمرار بهذا الموقف الحازم وتحويله إلى سلسلة تحرُّكات على الساحة الدولية وإبراز مخاطره على الأمن والسلام العالمي لكونه قد يفجِّر دائرة جديدة من العنف، والتي يصعب التنبّؤ بتداعياتها.

هذا الرجل، نتنياهو، هو مستعمِرٌ وعنصري لا حدود لتطرُّفه، والأخطر أنّه يعتقد أنَّ هناك فرصة ذهبية لتصفية القضية الفلسطينية، بوجود إدارة أميركية تتبنَّى مواقفه وأهدافه بالكامل.