الانتخابات الإسرائيلية بعد أقل من شهر، المأزق أمام نتنياهو، يزداد تعقيدًا برغم كثرة الهدايا السامّة التي يقدِّمها له حليفة ترامب الذي أعلن صبيان إدارته عن فشل جديد لهم حين أجبروا على إلغاء اللقاء الذي كانوا يتهيَّؤون لعقده في رام الله، وكان السفير الأميركي في (إسرائيل) ديفيد فريدمان يتهيَّأ ليلعب دورا لنجم، ولكنّ آماله خابت أمام صلابة التمسُّك الفلسطيني بالثوابت، تمامًا كما فشل كبير مستشاري ترامب جاريد كوشنر حينُ تصدر ورشة البحرين التي ثبت أنّها لم تكن سوى فضيحة وحفنة من الأكاذيب، فهذه الإدارة الأميركية التي يقف على رأسها دونالد ترامب لا يليق بها سوى الفشل والسقوط، فأينما ولّى ترامب وجهه لا يجد سوى الصدمات واللطمات القاسية لأنه عن غباء كبير، استسهل ما هو صعب، وصدق تغريداته واستصغر من هُم أقوياء ولم يستطع أن يفهم الحقائق، كما جرى حين شنَّ حربًا بلا هوادة ضد القضية الفلسطينية بكلِّ مفرداتها وشعبها البطل وقيادتها الشرعية التي تستمد قوتها من قوة الحق ومن قوة الوعي ومن قوة التجربة المبدعة التي لا تحدها حدود وهذا الفشل الأميركي ينعكس بشكل حاد على الأداء الإسرائيلي، وخاصّةً أداء رئيس الوزراء نتنياهو الذي تقترب مواجهته في الانتخابات التي هرب إليها عندما عجز عن تشكيل ائتلاف حكومي بعد انتخابات شهر نيسان الماضي، فقرّر أن يذهب بإسرائيل كلّها إلى مغامرة من خلال تصعيد العدوان اليومي، والاستيطان المجنون ضدَّ الشعب الفلسطيني وأرضه، ليكونا الرشوة السوداء التي يقدمها لليمين الإسرائيلي الذي يدفع بالأمور إلى مستوى الانفجار الشامل، هذا الجنون الإسرائيلي المأزوم ليس له سوى معنى واحد أنّ نتنياهو يقول لشعبه "أنا والطوفان" وإن شاء الله يأتي طوفان الفشل ليقذف به وبحليفه ترامب إلى مهاوي السقوط ومزبلة التاريخ.
في هذه المعركة التي نخوضها فلسطينيًّا بوعي عميق وإرادة عالية، لزام علينا أن ننتبه أشدَّ الانتباه إلى بيتنا الداخلي أو إلى صفوفنا المحتشدة حتى لا يتسلّل أصحاب النفوس الضعيفة وأصحاب النوايا المريضة الذين تأسرهم تقديراتهم الخاطئة للأمور، فيتصرفون عكس الحالة، وضد التيار العالي، وضدّ الاحتشاد العظيم، مع أنَّ شعبهم في قمّة احتشاده، وقيادتهم في الوعي والثبات أصبحت مضرب الأمثال، ولعل القرارات الأخيرة التي امر بها رئيسنا ورأس شرعيتنا أبو مازن هي مجرد لفتة من توجه عميق، وخطوة عظيمة الدلالة لما هو آت في الطريق، شعبنا منتبه أشد الانتباه، وهو شديد وعميق الثقة بقيادته، وشديد الإيمان بانتصاره في هذه المعركة التي يعلو مدها ليكون العنوان في هذه المنطقة بأسرها، فنحنُ نخوض معركة القدس، معركة الأقصى، معركة الأرض والوطن والدولة ومعركة العدالة والحقوق، لسنا نخوض معركة مفتعلة بل هي معركة الوجود .
وهذا الشعب البطل وعلى رأسه قيادته المنبثقة من صلب صلابة موعودة بالنّصر، والنصر طريقه عدم ترك الأمور الصغيرة تنحت في صخور الجبل الشامخ.
أمريكا تعلن فشل اجتماعها في رام الله لأنّها عرفت من التجربة أنّه حين تكون قيادتنا رافضةً فلا معنى لأيِّ عمل تقوم به أميركا وحدها شأن القضية الفلسطينية، فالقضية لها شعبها وقيادتها ولها أُمّتها ولن تموت.