في الذكرى الثالثةِ والأربعينَ لمجزرةِ تلّ الزعتر نُجدِّدُ العهدَ لشهداءِ المخيمِ بأنْ تبقى ذكراهُم حيّةً في الذاكرةِ الفلسطينيةِ التي، وعلى الرغمِ من اكتظاظِها بالأيامِ الصعبةِ، فإنَّها تفرِدُ لتلّ الزعترِ مساحةً خاصةً تليقُ بهِ وبما قدّمهُ من تضحيات. 

في الثاني عشرَ من آب/ أغسطس ١٩٧٦ اقتحمت الميليشياتُ الانعزاليةُ المخيّمَ المحاصَرَ منذُ أسابيعَ عديدةٍ، وارتكبتْ فيهِ مجزرةً تُعدُّ الأكثرَ بشاعةً ووحشيّةً في تاريخِ الحربِ الأهليةِ في لبنان. وقد نفّذَ الانعزاليّونَ تلكَ المجزرةَ على مرأى ومسمعِ ما كانَ يُسمّى بقواتِ الردعِ العربيةِ، ليضيفَوا إلى سجلّهم الأسودِ وإلى تاريخِ أنظمةِ الردّةِ عارًا جديدًا سيظلُّ يلاحِقُهم إلى الأبد.

 

لمْ تَخضع الحربُ الأهليةُ في لبنانَ إلى أدنى معاييرِ الأخلاقِ، فقدْ كانَ القتلُ خلالَها يتمُّ بناءً على البطاقةِ الشخصيّةِ والانتماءِ الطائفيّ، لكنَّ ما جرى في تلّ الزعترِ تجاوزَ كلَّ أهوالِ تلكَ الحربِ ليشكّلَ جريمةَ تطهيرٍ عرقيّ وإبادةٍ جماعيّةٍ طالتْ كلَّ سكانِ المخّيمِ دونَ الاكتراثِ إلى حقيقةِ أنَّهم عاشوا بوئامٍ وتآخٍ معَ جيرانِهم اللبنانيينَ ما يقاربُ الثلاثينَ عامًا. كانتْ أهدافُ الأطرافِ الانعزاليةِ تتجاوزُ كلَّ هذا التاريخِ من التعايشِ وحُسنِ الجوارِ وتُنفذُّ مخطّطًا شكّلَ بداياتِ الاصطفافِ المذهبيّ والطائفيّ في المنطقةِ، وأسّسَ لما عاشتْهُ وتعيشهُ منْ تصدّعاتٍ في بُنيَةِ الأوطانِ والانعزالِ في إطارِ المصالحِ الضيّقةِ والصراعاتِ بالوكالةِ خدمةً لأعداءِ الأمّةِ وحلفاءِ إسرائيل.

 

يدركُ الفلسطينيّونَ حجمَ تلكَ المذبحةِ وما تلاها من المذابحِ التي تعرّضتْ لها مخيّماتُ اللجوءِ الفلسطينيّ، سواءً في صبرا وشاتيلا أو في برج البراجنة ونهرِ البارد واليرموكِ وغيرها، وهي جرائمُ تهدفُ بالدرجةِ الأولى إلى القضاءِ على الوجودِ الفلسطينيّ بالقتلِ والتهجيرِ المُمَنهَجِ وبالتضييقِ على من بَقيَ في تلكَ المخيّماتِ وحرمانِهم من مقوّماتِ الحياةِ الكريمةِ وتجريدِهم من أبسطِ حقوقِهم الإنسانية.

 

في ضوءِ كلِّ ما سبقَ نَفهمُ إصرارَ شعبِنا على رَفضِ قرارِ وزير العملِ اللبنانيّ بحرمانِ الفلسطينيينَ من حقّهم في العملِ، لأنّ هذا القرارَ هو امتدادٌ لنفسِ العقليّةِ التي أدّتْ إلى ارتكابِ مجزرةِ تلّ الزعتر وما تلاها من المجازرِ، وهو تساوقٌ صارخٌ معَ المخطّطِ الأمريكيّ-الإسرائيليّ الذي يستهدفُ إلغاءَ حقِّ العودةِ بصفتِهِ حقًّا طبيعيًّا وواحدةً منْ أهمّ قضايا الإجماعِ الوطنيّ الفلسطينيّ.

 

*في ذكرى مذبحةِ تلّ الزعتر.. لن ننسى ولن نغفِرَ للقتَلةِ، وسنبقى متمسكّينَ بحقِّ اللاجئين الفلسطينيينَ بالعمَلِ والحياةِ الكريمةِ بنفسِ القوّةِ التي نتمسّكُ بها بحقّ العودةِ

 

١٢-٨-٢٠١٩

رسالة اليوم

رسالة حركيّة يوميّة من إعداد أمين سر حركة "فتح" - إقليم بولندا د.خليل نزّال.

#إعلام_حركة_فتح_لبنان