الشهيد الحاج محمود حمزة "أبو منذر"

عاش الشهيد الحاج محمود رشيد حمزة (٩٤ عامًا) عمرًا مديدًا من الثورة والنضال، منذ ما قبل النكبة إلى أن وافته المنيَّة راضيًا مرضيًا. 

هو من مواليد قرية شعب، جنوب شرقي مدينة عكا، وهي القرية التي شكّلت نموذجًا رائعًا للتعايش الإسلامي- المسيحي- اليهودي. 

ترعرع في ديوان عمه الشيخ أمين حمزة، فحصَّل ثقافة القيم العربية والإسلامية وأصبح مثالاً للكرم والنخوة. وعايش أخبار ثورة العام ١٩٣٦، عن قرب وبالتفصيل اليومي.

دخل عالم الزجل والعتابا باكرًا، بعد أن اكتشف موهبته الشعرية صديقه الشاعر الزجلي يوسف حسّون، ففي الرابعة عشرة من عمره سمعه الشاعر الكبير سعيد الحطيني، فأعجب به، وأصبح رفيقه في الأعراس والأفراح.

تدرَّب على استخدام السلاح باكرًا أيضًا، لا سيما مع ازدياد اعتداءات العصابات الصهيونية، فالتحق بحامية شعب تحت قيادة الشيخ أبو إسعاف خليل، الذي كان سبق وأحضر السلاح من ليبيا. 

في العام ١٩٤٨ وقعت اشتباكات عنيفة بين حامية شعب وعصابات الهاجاناه الصهيونية وشرطة الاستيطان، فتمكن أفراد الحامية من تحرير بلدة البروة مرتين، وقتلوا عددًا كبيرًا من أفراد وضباط العصابات الصهيونية، وغنموا عتادهم وأسلحتهم و١٧٢ بطاقة عسكرية، تسلّمها الشهيد الخالد ياسر عرفات خلال ترؤسه اجتماعًا في غرفة العمليات المركزية في بيروت خلال اجتياح آذار العام ١٩٧٢. 

بعد سقوط منطقة اللواء الشمالي الفلسطيني عام ١٩٤٨، انسحب أفراد حامية شعب إلى قرية مسعدة في الجولان السوري، فتسلّم حينها شهيدنا محمود حمزة- أبو منذر- قيادة فصيل في الحامية، فيما وصل جزء آخر من مناضلي الحامية إلى قرية السلطانية في جنوب لبنان.

نتائج نكبة العام ١٩٤٨ الكارثية على الشعب الفلسطيني جعلته يتوجَّه إلى الشباب لتثقيفهم وحثّهم على معرفه فلسطين والانخراط في الأُطُر النضالية الواعدة والتي تحمل همَّ تحرير فلسطين واجبًا ثابتًا من أجل العودة وإقامة الدولة المستقلة.

كُلِّفَ مع مجموعة من المناضلين في الفترة ما بين العام ١٩٤٨ و١٩٥٩ بتنفيذ عمليات داخل الأراضي المحتلة برعاية سورية. لذلك كان من السبّاقين إلى الانخراط في صفوف حركة التحرير الوطني الفلسطيني - "فتح" مطلع العام ١٩٦٩، في بدير العشائر في الجنوب اللبناني، بقيادة أبو الزعيم وعارف خطّاب، حيثُ نفَّذ العديد من عمليات الاستطلاع خلف خطوط العدو داخل الأراضي المحتلة، وتدرَّج في مستويات الحركة النضالية والقيادية حتى استشهاده.

أتمَّ مناسك الحج والعمرة، وتضرَّع إلى الله أن يمكّنه من الصلاة في الأقصى محرّرًا، كما سبق وصلّى فيه أيام شبابه. 

ترك الشهيد محمود حمزة بعد استشهاده في الرابع من آب الجاري، والذي تصادف فيه أيضًا ذكرى ميلاد الرئيس الخالد ياسر عرفات، عائلةً من اثني عشر فردًا وعشرات الأحفاد والحفيدات الذين يفاخرون به ويذكرونه بالخير والمحبّة.

عائلته التي تناصفت ذكورها والإناث شكّلت مثالاً نموذجيًّا صالحًا للتربية والتوجيه الاجتماعي والوطني الفلسطيني، فحافظت على هويتها وقيمها وصلاتها الواسعة مع شرائح أبناء شعبها بالمحبة والأُلفة والاحترام. 

أبناء الشهيد هم: عضو قيادة الساحة اللبنانية لحركة "فتح" ورئيس فرعها المالي في لبنان الأخ منذر "أبو محمود" وياسر ومصعب ورشيد ومحمد ود.علي. 

ووري الثرى في مقبرة شهداء الثورة الفلسطينية في بيروت إلى جانب قادة ومناضلين ارتقوا من أجل فلسطين.

الشهيد الحاج محمود حمزة "أبو منذر" من الذين تمَّ اعتمادهم من قِبَل الشهيد الرمز ياسر عرفات برتبة مناضل قديم.

وصية الشهيد الحاج محمود حمزة الأولى: نقل رفاته إلى فلسطين بعد تحريرها.

#إعلام_حركة_فتح_لبنان