تقرير: فاطمة المجذوب

 في عمليةٍ هي الأوسع من نوعها، والأكبر منذ عام ١٩٦٧، شرعت جرّافات قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم الاثنين بِهدم أربعة أبنية سكنية، تقطن فيها عشرات العائلات المقدسية في حي واد الحمص بقرية صور باهر جنوبي مدينة القدس المحتلة.

 

وخلال ساعات الصباح الأولى تحوّلت منطقة حي واد الحمص لثكنة عسكرية، حيثُ اقتحم مئات الجنود برفقة آليات الاحتلال وخبراء المتفجّرات الحي، وحاصروا الأبنية التي تضمُّ قرابة مئة منزل قبل أن يشرعوا بهدمها، علمًا أنَّ هذه البنايات تقع في المنطقة المصنّفة "أ"، أي أنَّها خاضعة للسلطة الفلسطينية وفقًا للاتفاقيات الموقعة، ولكنَّ سلطات الاحتلال أصرّت على هدمها بحجة قربها من الجدار الأمني في المنطقة.

 

*الرئاسة الفلسطينية تحمل الحكومة الإسرائيلية كامل المسؤولية

 

 أدانت الرئاسة الفلسطينة عمليات الهدم التي نفَّذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في حي واد الحمص في صور باهر جنوب شرقي القدس المحتلة.

وحمّلت الرئاسة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية كاملةً عن هذا التصعيد الخطير ضدَّ شعبنا الفلسطيني الأعزل، واعتبرته جزءًا من مخطط تنفيذ ما تُسمى "صفقة القرن" الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية.

وأكَّدت أنَّ سيادة الرئيس محمود عبّاس يجري اتصالات مع مختلف الأطراف ذات العلاقة لوقف هذه المجزرة الإسرائيلية، ودعت الرئاسة المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لوقف هذا العدوان بحق شعبنا وأرضه ومقدساته.

 

*حركة "فتح": لا شيء يثنينا عن مواصلة صمودنا

 

من جهتها، قالت اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" إنَّ جريمة الهدم في واد الحمص تأتي في ظلِّ الدعم الأمريكي المطلق للاحتلال، وهي نتيجة طبيعية للقرار الأمريكي اللا شرعي بالاعتراف بالقدس عاصمةً لدولة الاحتلال ونقل سفارتها إليها ضاربة بعرض الحائط قرارات الشرعية الدولية التي تعتبر القدس الشرقية أراضي خاضعةً للاحتلال أسوةً ببقية الأراضي الفلسطينية. 

وحمّلت اللجنة المركزية لحركة "فتح" في بيان صدر عنها، الإدارة الأمريكية المسؤولية عن هذه الجريمة بنفس القدر الذي تتحمّله حكومة الاحتلال.

وأضافت في البيان أنَّ (إسرائيل) ترتكب مرة أخرى جريمة جديدة بحقِّ شعبنا عبر عملية هدم ممنهج في منطقة وادي الحمص في صور باهر الواقعة على مشارف القدس، وهي بهذا الهدم إنَّما ترتكب جريمة حرب وجريمة تطهير عرقي تضاف إلى سجلها الأسود من الجرائم المتعاقبة ضدّ الإنسان والأرض والمقدسات الفلسطينية، وخاصّةً في مدينة القدس، عاصمة فلسطين الأبدية.

وأشارت إلى أنَّ هذه الجريمة بحق أهلنا في القدس تدق ناقوس خطر يستدعي وقفة عربية صلبة، كما يستدعي ضرورة التخلي عن أوهام الحلول الأمريكية الداعية إلى التطبيع مع دولة الاحتلال على حساب حقوق الشعب الفلسطيني ومصالح الأمة العربية.

وبيّنت اللجنة المركزية أنَّ المجتمع الدولي ممثّلاً بمجلس الأمن الدولي مُطالَب بالتحرك الفوري لإجبار (إسرائيل) على التوقف عن جرائمها، وأن يتمَّ استصدار قرار بفرض عقوبات رادعة ضد (إسرائيل) إن لم تحترم التزاماتها التي يفرضها عليها القانون الدولي كدولة قائمة بالاحتلال.

وقالت: "لن تثنينا هذه الجرائم عن مواصلة صمودنا في وطننا، ولن تجبرنا على تغيير موقفنا الرافض لصفقة القرن وكل ما نتج عنها، وسنبقى متمسّكين بأهداف شعبنا وبإنجاز حقوقه المشروعة بالعودة وإقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية".

وحذّرت الحكومة الإسرائيلية من أنَّ هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم وستتم محاسبة (إسرائيل) على اقترافها طال الزمن أم قصر.

 

*ردود محلية

أكّدَ رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية وليد عساف أنَّ السلطة الفلسطينية ستلاحق الاحتلال في المحاكم الدولية، لأنَّ ما يقوم به في واد الحمص جريمة حرب.

ولفت إلى أنَّ عمليات الهدم هدفها عزل القدس المحتلة عن محيطها خدمة للاستيطان اليهودي، مُتّهمًا محكمة الاحتلال العليا بتوفير الغطاء القانوني لجرائم الاحتلال.

 

من جهته، قال مدير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم حسن بريجية إنَّ قرار قوات الاحتلال جاء بعد رفضهم استئناف الأهالي بتجميد قرار الهدم في المنطقة، فأجبروا السكان على إخلاء المباني بالقوة بعد رفضهم مغادرة منازلهم، حيثُ تعرّضوا للضرب من قِبَل الجنود، وخرجوا دون أن يتمكنوا من إخراج أي شيء من احتياجاتهم الشخصية، بالإضافة إلى توزيعهم مناشير تحذّر المواطنين من الاقتراب من منطقة الهدم.

 

*صمتٌ دولي مريب

في ظل الصمت الدولي المريب على جريمة واد الحمص وغيرها، ورغم رفض أهالي واد الحمص قرار قوات الاحتلال الجائر، وتقديمهم طلب تأجيل وتجميد هذا القرار، فإنَّ قوات الاحتلال ضربت الاتفاقية الموقّعة مع السلطة الفلسطينية واتفاقية جنيف وروما الداعية لحماية المواطنين من الاحتلال عرض الحائط، مثبتةً انتهاكها الواضح لكلِّ المعايير والاتفاقيات الموقّعة لحماية الشعب الفلسطيني.