الحارث الحصني

قبل أيام، استقبلت مدينة طوباس، شمال الضفة الغربية، أسيرين محررين من سجون الاحتلال الإسرائيلي، بعد انتهاء مدة حكمهما.

وعلى اختلاف الفترة التي قضاها كل واحد منهما، لكنهما تشابها بأنهما كانا شاهدين على الأجواء التي تسود بين الأسرى في سجون الاحتلال، فيما يخص صفقة القرن، و"ورشة المنامة."

وصباح اليوم الجمعة، حصل الأسير المحرر قبل أيام، عمر سميح دراغمة، على فسحة من الوقت استطاع فيها الحديث عن الجو العام بين الأسرى فيما يخص صفقة القرن، و"ورشة المنامة"، بعد انشغاله في استقبال المهنئين له؛ لمناسبة الإفراج عنه.

وقال دراغمة، لمراسل "وفا"، بينما كان جالسا في فناء منزل ذويه: "في السجون الكل يقول لا لصفقة القرن (...)، الأسرى هم جزء من الشعب، وكلهم مع قرار القيادة الرافض".

يؤكد ذلك الأسير المحرر سعيد سياجات، الذي أفرج عنه مؤخرا.

وتسعى الإدارة الأميركية من خلال صفقة القرن، وورشة المنامة، إلى مقايضة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة بالمال، دون النظر إلى الجانب السياسي، إلا أن الموقفين، الرسمي والشعبي، كانا واضحين بالرفض منذ البداية، والأسرى في سجون الاحتلال أيضا كان موقفهم داعما للقيادة.

دراغمة القادم من سجن النقب الصحراوي، بعد أن أمضى 17 عاما في سجون الاحتلال، وصف أن جميع الأسرى من كافة الفصائل يجمعون على كلمة واحدة بخصوص صفقة القرن، أو ورشة المنامة، هي "لا".

وبالنسبة له فإن أي مؤامرة تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مرفوضة.

وقال دراغمة: "لن تمر هذه المؤامرات التي يراد منها تصفية قضيتنا الفلسطينية، هكذا يقول الأسرى في السجون، لا يوجد من يساوم هذا الشعب على حقوقه".

وأضاف، وهو الذي كان يشغل قبل اعتقاله منسق حركة الشبيبة الفتحاوية في جامعة القدس المفتوحة في طوباس: "نحن الأسرى ملتفون حول الرئيس، ونقول كما قال لأميركا وغيرها، لا".

وقال إن "الأسرى قضوا سنوات طويلة من أعمارهم من أجل حقوق شعبنا، وقضيته، ولا يمكن لأي أسير أن يقبل بهذه المؤامرات الهزيلة"، مشددا على أن من يقبل بهذه العروض "التجارية" كما أسماها، هو خارج الإطار الفلسطيني الموحد الرافض، فالقيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، كان موقفها واضحا بالرفض التام، منذ اللحظة الأولى التي أُعلن فيها عن صفقة القرن، و"ورشة المنامة".

وأكد سيادة الرئيس محمود عباس أن الحقوق الوطنية ليست عقارات تشترى وتباع بالأموال، وأن التوصل للحل السياسي الذي يضمن الحرية والكرامة والاستقلال والعدالة لشعبنا، يجب أن يسبق أية برامج أو مشاريع اقتصادية، لأن ذلك من شأنه أن يخلق الاستقرار والأمن للجميع، لذا لم تشارك فلسطين في ورشة العمل الأميركية التي انعقدت في المنامة.

وخرجت جماهير الشعب الفلسطيني، في الوطن والشتات، في مسيرات حاشدة رفضا لتلك المؤامرات، وتأكيدا على دعم موقف الرئيس محمود عباس في رفض أي مؤامرة تهدف لتصفية القضية الفلسطينية.

وقال دراغمة: "هم يخططون لتصفية القضية الفلسطينية منذ عام 1917، منذ وعد بلفور (...)، لكن لن تمر أي مؤامرة تهدف إلى إنهاء حقوقنا التاريخية".

وتابع: "القيادة تعرف كيف تنتزع حقوقنا المشروعة أينما كانت، والرئيس عندما يقول لا هذا يعني أننا لن نقايض حقوقنا بالمال، ونحن الأسرى ندعمه في موقفه".

وبالنسبة للأسير المحرر سياجات، وهو أسير أُفرج عنه قبل يومين من سجون الاحتلال بعد انتهاء مدة حكمه البالغة سنتان، فأكد أن "الأسرى على نهج القيادة الفلسطينية الرافضة لصفقة القرن جملة وتفصيلا".

وأضاف: "القضية الفلسطينية هي قضية الشعب على اختلاف انتماءاته"، مؤكدا أن "فلسطين ليست للبيع".

وأشار إلى وجود عمل دؤوب داخل السجون لتثقيف لأسرى وتعريفهم بصفقة القرن، و"ورشة المنامة"، وخطرهما على القضية الفلسطينية.

وقال: "الحديث في السجن هذه الأيام عن الصفقة التي يراد بها إنهاء القضية الفلسطينية".

ويكرر الحديث ذاته دراغمة الذي كان يعمل موجها عاما لسجن ريمون الاحتلالي لمدة 4 سنوات.

"هناك حلقات تحليل لبرامج تُبث على شاشات التلفاز، ومحاضرات يومية تثقيفية خاصة للجيل الشاب من الأسرى". تابع دراغمة.

ويضيف الشاب المحرر: "الأسرى من أكثر فئات المجتمع التي لها القدرة على الرفض لأنها في الخطوط الأمامية للدفاع عن القضية".

وأكد الأسيران المحرران أن الأسرى يتابعون مستجدات ما يحدث على الساحة الفلسطينية بشكل عام من خلال شاشة تلفزيون فلسطين الرسمي، وهو ضمن عدد محدود من القنوات التي تسمح إدارة سجون الاحتلال أن تبث في سجونها.

وتفيد إحصائيات هيئة شؤون الأسرى والمحررين فرع طوباس، بأنه يوجد في المحافظة 126 أسيرا بأحكام متفاوتة، بينهم 10 من ذوي المؤبدات، وأسيرة.