حملت فعاليات الجماهير الشعبية الفلسطينية في الوطن والشتات، والجماهير العربية في العديد من الدول العربية والأوروبية عددا من الرسائل للولايات المتحدة الأميركية ودولة إسرائيل الاستعمارية، ولأهل النظام الرسمي العربي، وقبل هذا وذاك للداخل الفلسطيني، لنا نحن أبناء الشعب الفلسطيني لنتعلم منها، ونستخلص عبرها ودروسها، وتتمثل في الآتي:
أولاً، كان هناك إجماع شعبي واسع وعميق طال طبقات وشرائح الشعب، ونخبه وقطاعاته الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والسياسية، وفصائله، وقيادته الشرعية على كلمة سواء واحدة، عنوانها لا كبيرة لورشة المنامة. لا وألف لا لـ"صفقة القرن" الأميركية المشؤومة، ولا لكل أشكال التآمر على الشعب الفلسطيني وأهدافه وثوابته الوطنية.
 ثانيًا، أكّدت الجماهير بوحدتها في رفض الصفقة والورشة، في تصميمها على التمسّك بالوحدة الوطنية، ورفض الانقلاب والانقسام، وأنّها تطالب القوة المنقلبة على الشرعية بضرورة الانسجام مع ما تعلنه، وبالتالي إن كانت فعلاً ضد الصفقة والورشة فعليها العودة لجادة الوحدة، وطي صفحة الانقلاب، الذي مضى عليه اثنا عشر عامًا.
ثالثًا، أعلنت بالفم الملآن عن تمسُّكها بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثّلاً شرعيًّا ووحيدًا، وأكّدت الدفاع عن الثوابت الوطنية مهما كلف ذلك من ثمن.
رابعًا، جدَّدت تمسُّكها بالسلام وبالحل السياسي، وقالت بصوت مرتفع، ومن كلّ الميادين والساحات، استقلال وسيادة دولة فلسطين على أراضيها وفي مقدمتها عاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، وضمان حق العودة للاجئين على أساس القرار الدولي 194، هو بوابة الاستقرار والأمن في المنطقة، ودون حرية واستقلال وسيادة الدولة الفلسطينية، لن يكون هناك سلام، وسيبقى إقليم الشرق الأوسط الكبير عنوانا للفوضى والإرهاب والحروب.
 خامسًا، ومرة أخرى أعلن الفلسطينيون العرب، انهم لا يأبهون بأية قوة نووية، أو غير نووية، ولا يخضعون لابتزاز التجويع وتجفيف أموال الدعم لموازنة السلطة الوطنية، وسيبقى سلاحهم إيمانهم بإرادتهم، وعدالة قضيتهم، وتمسكهم بالسلام عنوانا أساسيًّا للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم.
 سادسًا، لن يسمحوا لكائن من كان أن يقلب المفاهيم والمعادلات السياسية، أو يصنف الشهداء والأسرى، ويضعهم في قوائم "الإرهاب"، فهؤلاء هم رموز الوطنية، وعناوينها، ولولاهم ما كان للقضية الفلسطينية أن تقف على أقدامها، وتبقى رغم كل عوامل القهر والمطاردة الأميركية والإسرائيلية ومن لف لفهم من عرب وعجم عنوانا للعدالة الإنسانية، وبوصلة السلام في المنطقة والعالم.
سابعًا، فلسطين ليست للبيع، ولن يتنازل أي فلسطيني عن ثوابت وأهداف الشعب الناظمة لكفاحه التحرري، ولن يسمح الشعب لأميركا ولا لغير أميركا أن يحرف بوصلة الصراع، أو يغيّر في معادلاته في المنطقة، عنوان الحل سياسي أولاً وثانيًا... وعاشرًا، وليس اقتصاديًّا.
ثامنًا، إنَّ الكلمة الفلسطينية، هي الكلمة الفصل، وهي صاحبة حق النقض "الفيتو" في الموضوع السياسي، وليس مسموحًا لأحد أن ينوب عن فلسطين وقيادتها الشرعية.
وكانت المشاركة العربية، التي بالضرورة ستتسع وتتعاظم كل يوم في العديد من العواصم العربية، وفي دول الاتحاد الأوروبي والعالم ككل، لها رسائل واضحة وعميقة، ومنها: أولاً أن الجماهير العربية مازالت تتمسك بالدفاع عن قضية العرب المركزية، ولم تتخلَّ، ولن تتخلّى عن فلسطين مهما كانت الظروف.
ثانيًا، الفعاليات الوطنية والقومية العربية ردّ واضح على مشاركات بعض الأنظمة في "ورشة المنامة" الميتة، ورفض لخيار المشاركة بها.
 ثالثًا، حراكها يمثل بداية نهوض جدية، ردا على حالة الهزيمة والتشظي في المؤسسات الرسمية.
رابعًا، رفضها تغيير معادلات الصراع في المنطقة، وإعلانها بأنّ العدو الأول للعرب، كل العرب هو دولة الاستعمار الإسرائيلية والولايات المتحدة ومَن يقف معهما، أو يساندهما.
 خامسًا، فلسطين هي بوابة السلام والحرب على حد سواء، والأمن القومي يبدأ من فلسطين، ويتعمَّق باستقلالها وسيادتها على أراضيها، ولا أمن قومي في ظل التغول الأميركي الإسرائيلي.