أكد رئيس الموساد الأسبق، شبتاي شَفيط، أن "دولة إسرائيل، الرسمية، لا تريد السلام. ولو أرادت لأقامت علاقات مع السلطة الفلسطينية. وكانت ستبحث عن مجالات تعاون في الاقتصاد، البنية التحتية، في المواضيع التي تخدم مصالح الجانبين، لكن السلطة الفلسطينية بالنسبة لرئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) هي فراغ، لا يقيمون علاقات معها. هل تعرف رئيس حكومة (إسرائيلي) آخر لا يتحدث مع الفلسطينيين؟".

وأضاف شفيط، في مقابلة أجرتها معه صحيفة "معاريف" ونشرتها اليوم، الجمعة، أن نتنياهو تحدث مع الفلسطينيين في الماضي، وأنه نفذ الانسحاب من مدينة الخليل في إطار اتفاق أوسلو. لكن شفيط عزا وقف نتنياهو اتصالاته مع الفلسطينيين إلى معارضة اليمين الإسرائيلي، وخاصة الاستيطاني، لحل الصراع. "اليوم كانوا سيرجمونه في ساحة المدينة لو فعل أمرا كهذا".

وتابع "نحن الدولة الأقوى في الشرق الأوسط. ولا يمكن أن يتشكل ائتلاف عربي اليوم مثلما حدث في الستينيات والسبعينيات ويشكل تهديدا على وجودنا. وبإمكان القوي أن يسمح لنفسه ما لا يسمح الضعيف لنفسه. بإمكاننا أ، نتحمل مخاطر. ولا توجد هوامش أمنية لدى الجانب الآخر. وإذا شئنا، بإمكاننا أن ندهسهم. ولو كنا نبحث عن سلام، فإنه ستُفتح كل يوم قناة اتصال ومحادثات. وثمة جملة تقول إنه ’عندما يتحدثون لا يطلقون النار’، وهذا مكسب. فعندما يتحدثون تنشأ أفكارا لا تظهر أثناء الصمت. لكن عندما يتعامل طرف (إسرائيل) مع الطرف الآخر وكأنه شفاف، ولا يريد التحدث، ولا ينفذ خطوة من أجل أن يقول إن نواياه جدية، فإن هذا لا يفيد الطرف الآخر حتى لو أراد التحدث".  

ورأى شفيط أن اليمين الإسرائيلي "حول اتفاق أوسلو إلى شيء نجس. ولو استمروا بهذه العملية، لكان بالإمكان أن ينتج عنه سلاما. وهذه ليست فنطازيا، لأن أولئك الذين لا يريدون سلاما نجحوا في برمجة قسم كبير في الدولة بأن أوسلو كانت أم كل الآثام، والتعبير عن أننا نريد السلام ومستعدين أن ندفع ثمنا إقليميا مقابله، هو الإثم الأكبر. هل الأرض أهم من العائلة والأولاد؟ لقد عاش شعب إسرائيل 3000 سنة في الشتات، وبدون أرض".

وهاجم شفيط الصهيونية الدينية الاستيطانية، وقال إنه يطلق على هذا التيار اسم "اليهودية المستوطنة". "هذا يهودية اخترعت مناطق لنفسها (أي الضفة الغربية). نصف الدولة فارغة. بالإمكان تحويل المنطقة من بئر السبع جنوبا إلى حديقة مزهرة، وبالإمكان إدخال فيها ثلاثة أضعاف عدد المستوطنين اليوم. وأقول هذا كي أشير إلى عدم وجود حاجة ديمغرافية وإلى أرض. والدافع الوحيد هو نتيجة إيمان. ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين، وهذا التفسير لا يقبله العقل".  

وأشار شفيط إلى أنه "توجد تفاهمات حول 80% من المواضيع، وتم التوصل إليها في جولات مفاوضات طويلة. ولا يوجد اتفاق على 20%، وإلى هنا ينبغي أن يدخل الأميركيون والتحالف العربي. عليهم أن يجبرا الجانبين على الجلوس معا وأن يقولوا لهما ’ستبقون حتى يخرج دخان أبيض’. وعندها أريد أن أرى أبطالنا يقولون ’لا يهمنا’. إذ لا يمكن أنه يستحيل التوصل إلى حل. وهذا منوط بتضحية من الجانبين".  

واعتبر أن سلاما بين إسرائيل والفلسطينيين سيؤدي إلى إقامة علاقات بين 50 دولة إسلامية، بينها جميع الدول العربية) مع إسرائيل، وأن ذلك سيعود بفائدة اقتصادية على الإسرائيليين، بينما استمرار الصراع سيؤدي إلى خسارة اقتصادية.

وحول خطة "صفقة القرن"، التي يعتزم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، طرحها، قال شفيط إنه "لا أعرف تفاصيلها، لكنني أريد أن أشير إلى أخطاء ارتكبها. نقل السفارة الأميركية إلى القدس، الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، تغريدة السفير بأنه في ظروف معينة يوجد مبرر لإسرائيل بأن تضم (أجزاء من الضفة الغربية). هذه الأمور يفعلها شخص مبتدئ في السياسة".

وبدا شفيط، الذي بلغ سن الثمانين عاما، متفائلا حيال المستقبل: "أنا مؤمن بأني سأحظى برؤية تحولات، لأنه إذا أضفتَ جميع المشاكل من حولنا، فعليك أن تحزم حقيبتك الآن وترحل. وإذا تحولت هذه الدولة إلى دولة لا تريد العيش فيها، فهل ستبقى هنا؟ ويبدو شعار ’ليس لدي بلاد أخرى’ جميلا، لكن لا يمكن أن تفرض على شخص أن يعيش في مكان لا يشعر فيه بأنه حرّ".