تقرير: علا موقدي

على امتداد شارع بلدة دير بلوط ومدخلها الرئيسي، بطول أكثر من كيلو متر، تنتشر منتجات سهلها خاصة الفقوس، في تقليد سنوي يحضره آلاف المواطنين من كافة محافظات الوطن.

منذ عام 2012، وفي مثل هذا الوقت من كل عام، تستعد دير بلوط لاستقبال زوارها وعرض خيرات أرضها، ونتاج ما زرعته أيادي أهلها خاصة نسائها، في "المهرجان السنوي للفقوس" الذي افتتح مساء أمس الخميس للعام السابع على التوالي ويستمر ثلاثة أيام متتالية، ليكون عرسا وطنيا، ومهرجانا تسويقيا وسياحيا، يجعل من البلدة وأرضها مزارا وموعدا في نهايات أيار وبدايات حزيران من كل عام.

وتَعتبِر نساء القرية اللواتي يطلق عليهن "ملكات السهل الأخضر"، المهرجان بمثابة يوم مميز من حياتهن، يتم تكريمهن فيه، ودعم صمودهن والإصرار على تواجدهن في الأرض، والوقوف بوجه مستوطنة "ليشم" المقامة على أراضي البلدة والزاحفة باتجاه السهل وأراضي المواطنين.

وقصة انطلق المهرجان تشرحها عضو جمعية الإبداع التعاونية للتصنيع الزراعي ابتسام موسى، قائلة: "قبل سبع سنوات كان سعر الفقوس في الحضيض، والتجار هم من يتحكمون في البيع والسعر، حتى قرر مجموعة من الشبان إنشاء يوم تسوق عام 2012 لدعم نساء السهل والبيع للمستهلك مباشرة، الأمر الذي انعكس إيجابا على المزارعات، حيث زاد من التمكين الاقتصادي وثباتهن على أرضهن وحبهن للزراعة".

وتابعت: "أصبحت بلدة دير بلوط مزارا في عطلة نهاية الأسبوع، وطريق السهل يمتلئ بالزوار، حيث يوجد 450 سيدة يعملن في زراعة السهل بحب وشغف، على الرغم من وجود نقطة دائمة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، محاطة بكاميرات المراقبة، تمنع المزارعات من التنقل بحرية.

وقالت: "مجرد وجودنا في السهل هو شوكة في حلق المحتل".

وتضيف موسى: "تقوم سلطات الاحتلال بإطلاق الخنازير البرية التي تعمل على تخريب المحاصيل الزراعية، إضافة الى طيور الحمام من المستوطنات، وقمنا بعمل سياج من الكهرباء عن طريق الطاقة البديلة بمساعدة الجهات المانحة، ويقوم مجموعة من المتطوعين بحراثة السهل والقضاء على وجود الخنازير البرية فيه"، لافتة إلى وجود ترابط اجتماعي قوي بين المزارعات والأبناء في السهل.

وأوضحت: "يبدأ العمل في زراعة الفقوس من منتصف شهر شباط، الدونم الواحد يحتاج الى يومي زراعة، وبعد 3 أسابيع يتم تغطية النبتة بعلب بلاستيكية لحمايتها من الطيور، وبعد 3 أسابيع يتم تفريد بيوت الفقوس، ثم البدء بتجميع التراب على عرق النبتة وهو ما يسمى بالتخنيق، ومن ثم تعمل المزارعات على التعشيب بشكل يومي قبل البدء بعملية القطاف".

وأضافت موسى: "قد يصل ربح المزارعة إلى 3500 شيقل في الدونم الواحد، ما يساهم في التخفيف من العبء المادي عن الأسرة، حيث تساهم المزارعة في  تعليم الأبناء وبناء البيوت، إضافة إلى زراعة كل ما يلزم العائلة من خضار كالفول والكوسا والثوم  والبندورة والبامية والبصل، ما يوفر على الأسرة شراء ذلك من الخارج.

وما يميز مهرجان الفقوس، أنه فرصة لتجار ومزارعين صغار من الجنسين خاصة النساء لعرض وتسويق أعمالهم ومنتوجاتهم اليدوية، كالورود والميداليات التذكارية، والزي التراثي والمطرزات. حيث يأتي البعض من خارج دير بلوط في محاولة لكسب الرزق والترويج لتجارته، إضافة إلى حضور عشرات المتسوقين من أراضي الـ48.

بدوره، قال مدير مكتب الزراعة في سلفيت إبراهيم الحمد: "المهرجان السابع على التوالي يعقد بحضور وزراء ومؤسسات رسمية وأهليه ومؤسسات مانحه لأول مرة، وأكثر من 2000 شخص من كل محافظات الوطن".

وأضاف: "يهدف المهرجان إلى تسويق المحاصيل الزراعية لسهل دير بلوط والترويج لها، بسعر مناسب، وهذا الهدف الرئيسي منذ 7 سنوات ونجحنا فيه"، مبينا أن الوزارة نفذت خلال عام واحد 7 مشاريع استصلاحية في بلدة دير بلوط شملت ارشادات زراعية للمزارعات، وإجراء تجارب على أصناف الفقوس، واستصلاح الأراضي، والعمل على تحسين انتاجية الأرض، والوقاية من الأمراض.

من جهته، قال الناشط الشبابي في بلدة دير بلوط داوود عبدالله، "أًصبح مهرجان الفقوس متعارف عليه سنوياً وكأنه يوم وطني مميز، مرتبط بالأرض وبالفلاح الفلسطيني، والمرأة المنتجة، ويعطي الحيوية للمزارعات في السهل ويساعدهن في الترويج لمنتجاتهن، وتعزيز ثباتهن على الأرض عاما بعد عام، خاصة في ظل الهجمة الواسعة للاحتلال الإسرائيلي على أراضي البلدة في محاولة للاستيلاء عليها".

وشمل المهرجان العديد من الفقرات التراثية والشعبية، وتكريم عدد من الحراثين من مختلف محافظات الوطن وأبرزهم الحراثة الحاجة أم عزيز (80 عاما) من بلدة دير بلوط.

وتنتج نساء دير بلوط سنوياً 200 برميل من مخللات الفقوس، ويشتهرهن بإتقان طبخة المفتول.

يشار إلى أن مساحة دير بلوط 35 ألف دونم، وعام 1948 استولى الاحتلال على أكثر من ثلثي مساحتها، وضم آلاف أخرى لصالح جدار الفصل العنصري والمستوطنات، وتبقى 11 ألف دونم فقط، كما أن 95% من اراضي البلدة تصنف منطقة "ج"، وتطلّ على السهل الساحلي غربا، وكانت أراضيها قبل عام 1948 تمتد حتى منطقة رأس العين.

وتبلغ مساحة السهل ما يقارب 1100 دونم ويواجه مشاكل في الري، رغم أن 300 دونم من مساحته تتجمع فيها مياه الأمطار سنويا، لكن لا يتم استغلالها بالشكل المناسب نظرا لعدم توفر الإمكانيات اللازمة والخبرات الضرورية.