أكثرُ ما استفزّني في تصريحات سفير ترامب في (إسرائيل) ديفيد فريدمان لصحيفة نيويورك تايمز مؤخّرًا قوله: "ما حاجة العالم لدولة فاشلة بين (إسرائيل) والأردن"، ويقصدُ بالطبع الدولة الفلسطينية المستقلّة. بعيدًا عن هذا الصهيوني المتطرّف، والذي يتخندق في خط الاستيطان الأول دفاعًا عن المشروع الصهيوني التوسُّعي، فإنَّ ما تبادر إلى ذهني هو السؤال عن هذه الطغمة العنصرية التي تسيطر اليوم على البيت الأبيض وعلى القرار الأميركي ومدى خطرها ليس على الشعب الفلسطيني فقط بل على العالم.

إدارة متطرّفة ومتعصّبة، وعنصرية، لابد أنَّها إدارة عمياء فاشلة، ولو سألت هذه الإدارة نفسها وعن علاقاتها بالعالم لاكتشفت كم هي فاشلة، فهي تنظر للعلاقات الدولية من زاوية واحدة: العقوبات والتهديدات والغطرسة. بالمناسبة فإنَّ أول من عاقبته هذه الإدارة هو الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية، فأوقفت كلَّ أشكال الدعم للسلطة الوطنية، وأوقفت تمويل "الأونروا"، وهي اليوم تعاقب روسيا والصين وحتى حليفها الاتحاد الأوروبي، وقائمة المعاقَبين تطول وهي مستمرة بالطول، هناك دولة واحدة بل ربما شخص واحد يعتقد أنَّ إدارة ترامب هي إدارة رائعة هو نتنياهو، الأمر الذي يؤكد أنَّ الطغمة التي تسيطر على البيت الأبيض صهيونية، وليست أي صهيونية وإنَّما هي الأكثر تطرُّفًا وعنصرية وتبنّيًا للمشروع الصهيوني بشكله الأكثر بشاعة والقادم من العصر الاستعماري الأبشع في تاريخ البشرية والذي يرى الآخر هو مجرّد مشروع للذبح والتصفية.

وفي الداخل الأميركي لم تحدث أي إدارة انقسامًا في المجتمع الأميركي كما أحدثته إدارة هذه الطغمة الصهيونية. هي تخلق الفوضى أينما تحل في الداخل والخارج، فالساحة الدولية لم تكن يومًا بهذه الفوضى والحروب السياسية والاقتصادية والتجارية كما هي اليوم مع هذه الطغمة، وهي حروب قد تقوِّض الاقتصاد العالمي وتزيد من فقر الفقراء وتقضي على الطبقات الوسطى وتجعل الثروة بيد العصابة والطغمة الصهيونية وحدها. وإذا كان فريدمان يعتبر ذلك نجاحًا فهو واهم، لأنَّ العالم كل العالم سيلفظه هو وعصابته في وقت هو أقصر ممَّا يعتقد.

الشعب الفلسطيني هو شعب جذوره في التاريخ والحضارة الإنسانية أعمق من تاريخ هذه العصابة، فالمشكلة بهذه الإدارة أنَّها عندما تنظر للمرآة لا ترى إلّا نفسها ونتنياهو، لذلك ستأخذ نفسها والعالم إلى الانفجار، إدارة بهذا الشكل هي ليست فاشلة وحسب بل توزِّع الفشل على العالم.

فإذا جاءت مذمتي من فاشل فاعرف أني ناجح، فليقل هذا الصهيوني ما يريد فالشعب الفلسطيني كان هنا قبل فريدمان وعصابته وسيبقى هنا بعد رحيل فريدمان وترامب ونتنياهو وكوشنير والطغمة الصهيونية المسيطرة على البيت الأسود.