في الذكرى الـ"71" للنكبة تذكرت أغنيات شهيرة طالما سمعتها من اذاعة "صوت العاصفة" صوت الثورة الفلسطينية، وكانت في كل مرة تشعل في داخلي الشعور بحجم الظلم الكبير، الذي وقع على شعبنا الفلسطيني، ألا وهي أغنيات العودة التي لا تنسى مرابعها الأولى.
ولمعرفتي بمدى صعوبة وتعقيد الصراع الفلسطيني الصهيوني، وضرورة تثبيت الوجود الفلسطيني بأي شكل على خارطة الشرق الأوسط، كنت من المؤيدين لاتفاقيات اوسلو، ورأيت أنا وكثيرون ممن خاضوا غمار النضال الوطني الفلسطيني، ان هذه الاتفاقيات قد تشكل فرصة لتثبيت هذا الوجود، وان لم تكن الاتفاقيات ذاتها قادرة، علينا نحن أن نعمل من أجل ذلك، عندما يتجسد وجودنا على الأرض بمؤسسات دولة.
وفي ذكرى نكبة عام 1948, وبعد انهيار عملية السلام، وتنكر اسرائيل لاتفاقيات ولمبدأ حل الدولتين، وعلى وقع ما تسمى "صفقة القرن"، أجد ان الصراع عاد الى مربعه الأول، باعتباره صراعا وجوديا، وبما ان الأمر أصبح كذلك، بما ان اسرائيل وحكومتها اليمينية العنصرية أرادت ذلك، فأنا شخصيا وأعتقد كل الشعب الفلسطيني سيتمسك أكثر من اي وقت مضى بأغنيات العودة.
الرواية الصهيونية تحاول الاستمرار بمصادرة تاريخ وجغرافيا الشعب الفلسطيني، وهو ما ستحاول ترجمته ما تسمى "صفقة القرن"، وعلينا نحن التمسك بجذورنا التاريخية وبجغرافيا فلسطين كمكون رئيسي للذاكرة الوطنية.
ونحن لا نزال نتمسك بحل الدولتين، وبإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
إسرائيل هي من تصر على نكران الآخر، وتصر على مشروعها الصهيوني التوسعي، وعلى روايتها الصهيونية التي تنكر وجود الشعب الفلسطيني.
كنا نعتقد انه بالاعتراف المتبادل عام 1993 قد تجاوزنا نحن وهم مربع النكران، ولكن على ما يبدو حاليا ومن خلال ممارسات اسرائيل وسياساتها التوسيعية والتهويدية، ومن خلال ما تسمى "صفقة القرن" ومجرياتها، ومن قانون "يهودية الدولة" تصر اسرائيل على ما يبدو على مبدأ التنكر لوجود الشعب الفلسطيني ولحقوقه السياسية المشروعة.
فاذا أرادت اسرائيل ذلك، فالشعب الفلسطيني ومنذ مائة عام هو في قلب هذا الصراع ويعرف جيدا كيف يستمر به ويحافظ على حقوقه التاريخية في وطنه التاريخي، وإن أصرت اسرائيل على اعادة الصراع لمرحلته الأولى، فإن الشعب الفلسطيني سيواصل نضاله من المربع الأول.