انتصر ضحايا الحركة الاستعمارية البريطانية وهم الشعب الايرلندي لشعب فلسطين الذي يرزح تحت الاحتلال، وتجلى ذلك بتصويت مجلس الشيوخ الايرلندي، على مشروع قانون يعاقب كل من يستورد أو يساعد على استيراد أو يبيع بضائع أو يقدم خدمات للمستوطنات الإسرائيلية بالأرض الفلسطينية المحتلة.

وتشترك فلسطين وإيرلندا في قضايا النضال التي تحمل العديد من أوجه التشابه، وذلك في كونهما ضحية للحركة الاستعمارية البريطانية، والتي ما زالت تداعياتها قائمة حتى اليوم في فلسطين.

ولاقى مشروع القانون ترحيبا محليًا فلسطينيًا وايرلنديًا. وصوت لصالح القانون الذي هدف إلى وقف وضبط النشاط الاقتصادي مع المستوطنات الإسرائيلية في الأرض المحتلة، والذي تقدمت به في كانون الثاني الماضي السيناتور المستقلة فرانسيس بلاك، وصوت لصالحه ممثلو كل من حزب "الفينافول" وحزب "الشين فين" وعدد من الأحزاب الصغيرة الأخرى، وكذلك بعض المستقلين، في حين عارضته الحكومة.

وكانت حملة قد بدأت لدعم التصويت لصالح القانون منذ أن تم تأجيله في كانون الثاني/ يناير الماضي، وقادت هذه الحملة السيناتور بلاك وعدد من المنظمات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني في إيرلندا.

وعن القانون الذي تم إقراره بالأمس قال سفير فلسطين لدى إيرلندا أحمد عبد الرازق: إن القانون "لا يذكر إسرائيل بالاسم بل يذكر الأراضي المحتلة في كل العالم، وينطلق من القانون الدولي ضد أي أراض محتلة، وهذا القانون جرى العمل عليه منذ عشرة أشهر".

وأضاف: أن "جرائم الاحتلال بحق أبناء شعبنا في الأشهر الأخيرة دفعت الرأي العام الايرلندي للضغط باتجاه الموافقة على مشروع القرار، ما ساهم في تغيير موقف الحزب المعارض للقانون، وقبل التصويت بحوالي أسبوعين التقيت مع ممثلي الأحزاب وأكدوا لي أنهم سيصوتون لمصلحة مشروع القانون".

وتوجه بالشكر للسيدة فرانسيس بلاك وهي نائب مستقلة في البرلمان ومن داعمي الشعب الفلسطيني بشكل غير محدود، إضافة لدور الحملات التي جرت في المدن لدعوة المواطنين الايرلنديين ليكتبوا إلى نواب الأحزاب الايرلنديين في مناطقهم من أجل إنجاح هذا القرار.

وتابع: "نأمل أن يجري متابعة الموضوع حتى يصوت البرلمان في الخريف المقبل بشكل نهائي، ليصبح القانون نافذ المفعول وملزما للحكومة ولكل ايرلندي وغير ايرلندي موجود على الأراضي الايرلندية.

وأضاف: "أن أهمية القرار ليس فقط بالتطبيق العملي عليه في إيرلندا، لان ايرلندا لا تستورد من المستوطنات، بل تكمن أهميته بأنه أول قرار تاريخي يؤخذ في أوروبا بإصدار قانون بمقاطعة المستوطنات ومنتجاتها والخدمات المقدمة لمستوطنات، ومعاقبة كل من يسرق الموارد الطبيعية والمياه من فلسطين".

وأوضح عبد الرازق أن هذا القانون هو سابقة ستفتح الباب أمام الدول الأخرى وستكون له ارتدادات في دول أوروبية أخرى، وسيفتح لها الطريق لتقوم بتشريع قوانين مماثلة.

علاقات مميزة منذ سبعينيات القرن الماضي

وبحسب معلومات منشورة على موقع وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، تمتد العلاقات الفلسطينية الايرلندية إلى مطلع العقد السابع من القرن الماضي، فمنذ انضمام إيرلندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 1973 كانت أول عضو دعا إلى إنشاء دولة فلسطينية وذلك في شباط/ فبراير 1980م، وآخر عضو أيضا يفتتح سفارة إسرائيلية حيث تم ذلك عام 1993م.

وبدأت منظمة التحرير بالعمل في إيرلندا عبر مكتب إعلام منظمة التحرير، وذلك عبر مكتب إعلام خاص بها، وتولى كل من يوجين مخلوف وليلى شهيد ملف العلاقات مع ايرلندا، حيث كانت شهيد الممثل الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية في إيرلندا عام 1989، بينما سبقها مخلوف في السبعينيات ولكنهم كانا غير مقيمين.

وفي العام 1993 افتتحت منظمة التحرير أول مندوبية لها في إيرلندا بعد زيارة الرئيس ياسر عرفات لها، وأصبح يوسف علان ممثلا غير مقيم لفلسطين لدى ايرلندا.

بعد ذلك افتتحت أول مفوضية عامة لفلسطين في إيرلندا في العام 2001، وكان السفير علي أحمد حليمة هو أول ممثل مقيم لفلسطين، وفي يناير من العام 2011 تم رفع درجة التمثيل الفلسطيني في إيرلندا إلى بعثة دبلوماسية. وللمرة الأولى قدم السفير أحمد عبد الرازق أوراق اعتماده الى الرئيس مايكل دي هيجينز في أيلول عام 2013 كسفير لفلسطين في ايرلندا.

وقال عبد الرازق: تتمتع البعثة بمستوى تمثيل دبلوماسي بما في ذلك الامتيازات، ويعامل السفير على نفس الدرجة مع باقي السفراء ويقدم أوراق اعتماده إلى رئيس الدولة.

وأضاف عبد الرازق: "صوتت ايرلندا لصالح الاعتراف بدولة فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة كما صوتت برفع العلم الفلسطيني على مقر الأمم المتحدة، وفي ديسمبر من العام 2014 صوت البرلمان الايرلندي بشقيه الشيوخ والنواب لصالح حث الحكومة الايرلندية على الاعتراف بدولة فلسطين".

وتابع قائلا: "بشكل عام تصوت ايرلندا لصالح القرارات الأممية الصادرة لصالح فلسطين وقد تمتنع عن التصويت في بعض الحالات المحدودة جدا".

وأضاف: "أن حجم الميزان التجاري الرسمي بين ايرلندا وفلسطين لا يعتبر فعليًا ولكن هناك تجارة محدودة، حيث تستورد فلسطين من ايرلندا بعض الالكترونيات والأدوية وبعض منتجات الألبان ومكوناتها والحليب المجفف، بينما تصدر فلسطين إلى ايرلندا بعض الخضروات والفواكه وزيت الزيتون ولكن بشكل غير مباشر في غالب الأحيان.

المساعدات التي تقدمها ايرلندا الى فلسطين

وتقدم ايرلندا مبلغ 10 ملايين يورو سنويا لدعم الشعب الفلسطيني ومشاريع التطوير المستدامة وكذلك التعليم وحقوق الإنسان، بحسب وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية. كما قدمت ايرلندا مبلغ 1.5 مليون يورو للسلطة الوطنية الفلسطينية لدعم مشاريع التعليم والصحة والخدمة الاجتماعية، وكذلك الخدمة العامة من خلال المفوضية الأوروبية.

وقدمت ايرلندا في العام 2014 مبلغ 1.5 مليون يورو لتمويل وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية. كما قدمت مبلغ 500.000 يورو لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" بعد الحرب على غزة كجزء من تعهدها في المساعدات التي تصل الى 2.5 مليون يورو بعد الحرب.

ووقعت إيرلندا اتفاقا مع "الأونروا" في عام 2016، وتعهدت بتقديم 4 ملايين يورو سنويا خلال الفترة 2016-2018. ومنذ العام 2005 قدمت ايرلندا حوالي 49 مليون يورو لـ"الأونروا".

وتدعم ايرلندا أيضا عددا من المنظمات غير الحكومية والحقوقية كمساهمة منها في دعم حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية.